آخر الأخبار

الأربعاء، ديسمبر 21، 2011

أيها الفراق! ماذا فعلت بنا؟!




الفراق قطعة ملتهبة متأججة من العذاب. إنه كالسفَر الطويــــــــــل لا يكاد ظاعنه أن يؤوب.
إنه كالمسافة الفاصلة بين الألم والألم الذي يتلوه.
إنه كالموت الذي يأتي على كلّ شيء، ولا يستطيع أي أحد مهما بلغت قوته أن يردّه. إنه كالصخرة الكبيرة الجاثمة على الصدر.
ويحدث أن نصبح وحدنا، فالحبيب الذي قد كان فيما مضى مشاركًا لنا أحلامنا وطموحاتنا قد رحل، وبقيت الحسرات ثاوية، والآلام مقيمة، والأوجاع راتبة، والجروح تنزف بغزارة.
كم صعبة هي الحياة حينما ينهار البناء الشامخ دفقة واحدة! حينما تستحيل الأماني إلى أحلام خرافيّة! حينما تغدو المصاعب ماثلة نصب أعيننا!
ويحدث أن نتألم، نتألم كثيرًا، كثيرًا جدًا، بقدر ما أحببنا، وبقدر ما عشقنا أنفاسًا تعجّ بالألق، وبقدر ما كانت سعادتنا مع الظاعن الذي أبدًا لن يؤوب.
ويحدث أن نتتظر الموت، الموت الذي كنّا نخافه ونتوجس منه، فقد استمرأنا ما هو أشدّ إيلامًا في حياتنا، وبقي لنا الموت ليكمل الرحلة الأليمة وينهيها في أرضه.
ويحدث أن نردد بكل ما أوتينا من قهر وذبول:


أرى العيش كنزاً ناقصاً كل ليلة ٍ    وما تَنقُصِ الأيّامُ والدّهرُ يَنفَدِ
لعمرُكَ إنَّ الموتَ ما أخطأ الفتى    لَكالطِّوَلِ المُرخى وثِنياهُ باليَدِ

ولعمر الله تعالى إن الموت لأهون علينا من الفراق وقسوته، والألم وحدته، والحنين وشدّته،،
وقد يحدث أن نتمنى الموت، فهو السبيل الأوحد لإراحتنا من شقائنا الذي خلفه هذا (الظاعن):

ألا موت يباع فأشتريه   فهذا العيش ما لا خيرَ فيه
ألا موت لذيذ الطعم شافٍ   يخلّصني من العيش الكريه
ألا رحم المهيمن قبْرَ حرٍّ   تصدّق بالوفاة على أخيه

إن الفراق أمر حتمي،  وشيء قارّ في هذه الحياة، فلْينتظر من يخالل فراقًا، ولْيستعدّ لهذه اللحظات الرهيبة، حيث الوحدةُ والدمعة والألم والذاكرة التي ستجود بكلّ قوّة في إمدادك بأدق التفاصيل عن ماضيك الجميل الذي غدا حاضرًا أليمًا، وحينها أدعوك معي لتردد:


يا موت!
ياظلي الذي سيقودني
يا ثالث الاثنين
يا لون التردد في الزمرد والزبرجد
اجلس على الكرسي!
ضع أدوات صيدك تحت نافذتي
...
لا تحدق يا قوي إلى شراييني
لترصد نقطة الضعف الأخيرة !
أنت أقوى من نظام الطب!
أقوى من جهاز تنفسي!
ولست محتاجا - لتقتلني - إلى مرضي!
فكن أسمى من الحشرات!
كن من أنت كن قويا ، ناصعا،
واخلع عنك أقنعة الثعالب!
كن فروسيا، بهيا، كامل الضربات!

الخميس، نوفمبر 17، 2011

يااااااا ربُّ





يحدث أن تسقط سقوطًا مدويًا له وقع قاسٍ أليم.. ويحدث أن تشعر إثره بشعورٍ بشعٍ مسعورٍ
إنك سقطت...
وفشلت...
وانتهى الأمر...
وتحاول أن تتبنى مذهبًا جدليًا بينك وبينك....

وتشرح وترد وتوضح وتستنكر وتشجب وتهذي وتعقل وتجن وتجادل وتناضل من أجل الدفاع عن ذاتك التي أصبحت في الحضيض...

يحدث هذا كثيرًا ونحن نرتقي مراحل الحياة درجة درجة.. وبسبب أننا قفزنا إلى درجة مرتفعة سقطنا ذلك السقوط المدوي...

ولكن..أهاته حقًا نهاية الذات ونهاية العمل؟؟؟

تذكر جيدًا قوله تعالى: "ومن يتوكل على الله هو حسبه"


فاستمسك بحبله وانطرح ذليلاً خاشعًا وقولك إذ ذاك: يا رب قوّني وصبّرني

واصعد درجات الحياة درجة إثر درجة...
وتذكر أنّ خطوة واحدة في كلّ مرحلة تفي بالغرض، وكفى الله المؤمنين القتال.


الاثنين، يونيو 20، 2011

هل ستؤوب؟؟





كلما نقول بأننا نسينا نرجع ونتذكر ونستذكر كلّ شيء، ونتوق إلى ذلك الماضي الجميل الذي عشناه يومًا،، على الرغم ما فيه من أوجاع وضربات،،

فعلاً فقد صدق الذي قال بأن التناسي مسرحيّة غبيّة نمثل أدوارها على أنفسنا حتى نجبرها على النسيان،،،
الذكرى كمثل العلم في الصغر،،، لا نستطيع أن نمحوَها من ذاكرتنا،،،

هل التاريخ يعيد نفسه؟؟ أتمنى ولكن،،، ولكن،، لا أدري،،،

مررت ذات يوم بطريق وأنا ممتنّ للحظات العمر الآنية،،، فجأة،،، مسلسل الماضي عاود بثه من جديد،،، حاولت أن أفرمت المسؤول عن ذلك الأمر،،، فلم يزدد إلا قوّة ودمارًا،،،

ماذا أعمل إذن؟؟!! ماذا عساني أفعل؟؟

كل شيء انتهــ،ـ،ـ،ـ،ـى يا هذا فلتركّز اهتمامك بيومك،،، صوت ضعيف بعيد يناديني ،،،حاولت تقويته فانقطع،،، حاولت أيضًا أن أقرّبه بما تعلمت فتلاشى،،،

كل حين أسمع تلك الأهزوجة وذاك الموال الذي يقول : "وبطول عمرك لا تحصد في زرع محصود،،،" سمعتها عشرات المرات،،، بيد أنها لم تسعفني في الأخذ بتلك النصيحة،،، بل ازددت تخبطًا وتوهانًا مغبّة الحصول على شيء لم أعرف ماهيته بالتحديد،،،

بيد أني،، بيد أني ،، بيد أني

كلمات كثيرة ،،،، كل شيء حصل وانتهى،،، كل شيء ذهب،،،

المجد،، المربعات،،، الحافلات،،، السرور،،، الأخ،،، الد... ،،، الكذب،،، الصدق،،، الـ... و الـ...
الأحدوثة، التلادة،، العراقة،،، الذات،،، الكبرياء،،، هذا هو ،،، وذاك ذاك،،،، الإيمان،،، براءة الأطفال،،، الكتابة على الماء والهواء،،،


يا مجدُ هل ستؤوب لنرى أحفادك يقرئوك السلام؟؟؟!!

الخميس، يونيو 16، 2011

فهم الآخرين وقيمة الشكر


من البدهيِّ أنَّنا نعيشُ في مجتمعٍ، وهذا الأمر لا يخفى على أحدٍ، ومن البدهي أيضًا أنَّنا نتعامَل يوميًّا مع الآخَرين بشتَّى وسائل التعامُل، ونتواصَل معهم بمختلف وسائل الاتِّصال، وكما يقول ابن خلدون في مقدمته: الإنسان اجتماعيٌّ بطبعه.

فلا بُدَّ أنْ نحسن التعامُل مع الآخَرين، أو إنْ شئت: نتفهَّم التصرُّفات التي يتصرَّفونها في مختلف الأحوال والظروف والأوقات، فإذا ما تحقَّق هذا الأمر وركَّزنا في داخِلنا وعرفنا قانون (الدافع) الذي جعَل شخصًا ما يتصرَّف بطريقةٍ ما لا تُعجِبنا - إذا تحقَّق ذلك نكون إذ ذاك قد وسَّعنا مَداركنا وخريطتنا عن العالم الخارجي، ونصبح أيضًا نعذر هذا، ونُسامِح هذا، ونتجاوَز عن هفوات هذا.

ولكن قد نجدُ طوائف كثيرةً من الناس هم في غِطاءٍ عن هذا القانون الذي به نُهوِّن الأمور ونسخِّرها ونُذلِّلها ونُسوِّي بها الأرض، بل نتَّخِذ منه راحة ذاتيَّة داخليَّة؛ إذ نحن أيقنّا أنَّ الآخرين يتَّصفون بصفاتٍ أزليَّة معروفة من مثل صفة النقص والتسرُّع؛ قال تعالى: ﴿ خُلِقَ الْإِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ ﴾ [الأنبياء: 37].

قد نجدُ طوائفَ من الناس مثلاً يُساعِدون الآخَرين ويُعاوِنونهم، ويتصدَّقون على الفقراء والمحتاجين، ويتعهَّدون أحوالهم، ويحنون عليهم حنوَّ الأم على طِفلها، ولكن قد يتذمَّرون لأنهم لم يجدوا صدى هاتيك الأعمال الخيِّرة التي تتمثَّل بشُكرِ صنيعهم ذاك.

من هنا كان لزامًا علينا إمَّا أنْ نُوجِّههم إلى ذاك القانون، وإمَّا أنْ نتوجَّه إلى الناس جميعًا لنشرح لهم فائدةَ الشكر وقيمته في دخيلة الذين يُساعِدونهم ويهبُّون لنجدتهم ويلبُّون طلباتهم.

ولكنَّا آثَرْنا أنْ نبيِّن الأمرَيْن معًا، ونُوضِّح قيمتهما ونكشفهما للناس؛ عساهم ينتفعون بها ويستفيدون منها؛ إذ إنهما أمران لا بُدَّ من تطبيق أحدهما لكي ننعم بالراحة والهدوء.

في البرمجة اللغويَّة العصبيَّة ثَمَّ ما يسمى بالفرضيَّات التي تعني بكلِّ سهولة: المبادئ أو القوانين التي ينبغي لك أنْ تتمثَّلها حتى تفهَمَ السلوك الإنساني وتصرُّفات الآخرين على ما هم عليه.

ومن هذه الفرضيات أو الافتراضات افتراض يقول: الخريطة ليست هي الواقع The map is not the territory، أو بأسلوب منطقي: عدم الوجدان للشيء لا يستلزم عدم وجوده في الواقع، ولنوضِّح هذا المفهوم أضرب مثالاً حصل معي شخصيًّا وهو: أنَّني أردت التحقُّق من صحَّة حديث نبويٍّ معيَّن، وقد توجَّهت لموقعٍ إلكتروني يقدِّم هاته الخدمة، ولكنِّي لم أجد نصَّ هذا الحديث إطلاقًا، فقلت إذ ذاك في نفسي: هذا ليس حديثًا، ثم حدث بعد ذلك أنْ كنت أقرأ في كتابٍ لعالمٍ ثقةٍ، وإذا هو يستَشهِد بهذا الحديث، وإذا هو يضع في الحاشية تخريجه (حديث قدسي صحيح)، وإذا أنا أتذكَّر تلك الحادثة، وإذا أنا أتذكَّر أيضًا تلك المقولة المنطقيَّة التي ذكرتها آنفًا.

إنَّ هذا الأمر يعني أنَّ لكلِّ واحد منَّا خريطته عن العالم الخارجي، وهاته الخريطة تُفسِّر الأحداث والوقائع والتصرُّفات التي يقوم بها الآخَرون وفق خبراتنا المتعلِّقة بها، ولكلٍّ منَّا معلومات يستمدُّها من الحواس الخمس واللغة والفكر والقيم والمعتقدات الثاوية في الذات.

ولا ضير إنْ قلنا: إنَّ المعلومات التي نستقبلها من العالم الخارجي وحتى الأحكام التي نسوقُها عنه إنما هو مثل الجملة الخبريَّة في البلاغة العربيَّة، حيث إنها تحتمل الصواب والخطأ، ولكن رؤية الناس تختلف حسب إدراكاتهم.

ماذا يحدث لو آمنَّا بهذا الافتراض وجعَلناه قانونًا لنا في مختلف ظروف حَياتنا وأحوالها؟
بلا شكٍّ أنَّ خريطتنا ستتوسَّع، وتصوُّرنا عن الآخَرين سيختلف بطريقةٍ إيجابيَّة، ونصبح متفهِّمين وعاذرين، وغير ساخطين أو متذمِّرين.

لو حدث لك موقفٌ مثلاً أنَّ صديقك قال لك: مشكلتي ليس لها حلٌّ إطلاقًا، ما أوَّل شيء ينبغي لك أنْ تقوله له؟!

أفضل كلمة تقولها له بادئ الأمر هو موافقتك له، قل له: حقًّا مشكلتك لا حلَّ لها؛ إذ إنَّك تتعامَل مع خريطة مغايرة لخريطتك؛ إذ إنَّه لا يستطيع أنْ يحلها، أو أنَّ خريطته لم تتعامَل مع هذا النوع من المشكلات، مع أنَّك لو مررت بهاته المشكلة نفسها لأمكنك أنْ تحلها بطريقةٍ سهلة.

ولكنَّ الشخص الآخَر قد لا يملك خريطة متشعِّبة مثلك.

عرفت إذًا فائدة توسيع خريطتك أولاً، وفهم خريطة الآخرين ثانيًا، ومحاولة تطبيق هذا الأمر ثالثًا.

سيحدث أنْ ستساعد أحدهم، وسيحدث ألاَّ يشكرك، أو إنْ شئت سيهجم عليك؛ إذ إنَّك - حسب خريطته - لم تُساعِده! وسيحدث أنَّك ستتفهَّم وضعه وتصوُّره، وتحاول قدْر الإمكان أنْ تشرح له الأمر، أو إنْ شئت تبيِّن له أهميَّة إعذار الناس.

كلُّ ما حولك من آراء بشريَّة إنما قابلة للصدق والكذب، أو الحقيقة وغيرها؛ ولذا ألحُّ عليك مرَّة أخرى بضرورة اتِّباع هذا الافتراض الجميل.

أهمية الشكر:
ولكنَّ الناس قد لا تتحمَّل هذا الجفاء مقابل الإحسان، مع أنَّ ذلك الأمر من سَجايا الإنسان ومزاياه؛ قال تعالى: ﴿ وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الْإِنْسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعَاءٍ عَرِيضٍ ﴾ [فصلت: 51]؛ إذ إنَّ الإنسان مع ربِّه جاحدٌ للنعمة، كافر بها - إلا مَن عصم - فكيف بالله عليك تريدُه يَتعامَل مع أخيه الإنسان.

قرَأتُ فيما سبق عدَّة صَفحات من كتاب: "دع القلق وابدأ الحياة"؛ لمؤلفه ديل كارنيجي، وإذا أنا أجد فصلاً عنوانه "لا تنتظر شكرًا من أحد"، وتحدَّث المؤلف عن هذا الأمر، وساق طائفة صالحة من القصص العجيبة التي تحدَّث أصحابها عن النتيجة التي آلوا إليها وانتهوا عقب تطبيقهم لمضمون العنوان على أرض الواقع؛ إذ إنهم شعروا بالراحة والهدوء والرضا والسلام الداخلي، وعدم اكتراثهم للآخرين؛ سواءٌ أشكروهم أم لم يشكروهم، بالرغم من أنهم ساعَدوهم وسهروا على راحتهم، وأعانوهم كأشد ما تكون الإعانة، وعاونوهم كأحسن ما يكون التعاون، فقلت إذ ذاك في نفسي: يا لها من سعادةٍ تلك التي تأتي على الرغم من المنغصات، ويا له من سرور أنْ تستشعر الرضا عندما تُقدِّم لأحدهم عملاً أو تُسدِي إليه نصيحة أو تساعده في قضاء بعض حوائجه، أو تعاونه في إنجاز أمرٍ ما؛ إذ ظنَّ أنَّه متورط ما من ذلك ريب، ثم لا تنتظر أنْ يقول لك كلمة شكر!

ولكنِّي كذلك كنتُ على علمٍ بالآية الكريمة القائلة: ﴿ وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ ﴾ [البقرة: 237]، وكذلك قول الرسول الكريم: ((لا يشكُر الله مَن لا يشكر الناس))، وكذلك قوله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((ومَن صنع إليكم معروفًا فكافِئُوه، فإنْ لم تجدوا ما تُكافِئُونه فادعوا له حتى تروا أنَّكم قد كافأتموه)).

فرأيت أنَّ الله تعالى قد وجَّهنا إلى أنْ نأسر قلوب الناس عن طريق شُكرنا لهم، وعدم الإغضاء من فضلهم وقيمة إحسانهم، وكذلك الرسول الكريم - صلَّى الله عليه وسلَّم - فهو يُرشِدنا إلى أنْ نعترف بالجميل وفضل المحسن علينا.

إنَّ هاته التوجيهات إنما وُجِدتْ لكي يحدث انسِجام بين الطرفين: المعطِي والمعطَى، ففي حين أنَّ الرسول الكريم أمَر بالصدقة مثلاً وحثَّ عليها؛ لِما تسدُّ به حاجة المحتاج وتكفيه شرَّ مؤونته، وكذلك تتسلَّل السعادة إلى قلبه، بالمقابل ينبغي للمُساعَد أنْ يشكر ذاك المعطي الذي ساعَدَه وتصدَّق عليه لتتحقَّق المعادلة؛ قال الرسول الكريم - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((أحبُّ الناس إلى الله أنفعهم، وأحبُّ الأعمال إلى الله - عزَّ وجلَّ - سرورٌ تدخله على مسلم)).

فإذا حقَّق الذي أنعم الله عليه مضمونَ أوَّل قسمٍ من هذا الحديث الشريف، ينبغي للمحتاج أنْ يَشكُر المعطي حتى يُدخِل إلى قلبه السرور كما فعل من قبل ذاك.

قال الدكتور صموئيل جونسون: "إنَّ الاعتراف بالجميل هو ثمرةُ نبتةٍ عظيمةٍ، وأنت لا تجدُها بين الغلاظ من الناس".

ولكن لا يخلو المجتمع من ناكرٍ للجميل، غير معترف به ولا بفضل أحدٍ عليه، ولا ضيرَ إنْ صادفت أحدًا من هذا الصنف؛ لأنك ستُعمِل فكرك وتُطبِّق تلك الفرضية التي تكلَّمنا عليها آنفًا، ولا تستغرب هذا؛ فقد قال ماركوس أورليوس: "سوف ألاقي اليوم الناس الأنانيين الجاحدين، ولكنَّني لن أصاب بالدهشة أو الارتباك؛ لأنَّني أعجز عن تخيُّل العالم دون وجود أناسٍ كهؤلاء فيه".

نخلصُ في نهاية حديثنا إلى أنَّ الإنسان بطبعه جاحدٌ للنعمة؛ فلا تتوقَّع منه ردًّا حسنًا، وكذلك ينبغي لكلِّ طالبٍ للخير أنْ يجعل كلَّ أعماله خالصةً لوجه الله الكريم، وأنْ يتشبَّث بهاته الآية: ﴿ قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الأنعام: 162]، وألاَّ ينتظر شُكرًا من أحد.

وأقول لكلِّ الذين لا يشكُرون مَن أحسن إليهم: ما يضركم لو شكرتم مَن يستحق الشكر، وتُنوِّهون بذكر مَن يستحقُّ التنويه، وتذكَّروا جيدًا هذا القول:
قيل للإسكندر: "أيُّ شيءٍ أنت به أسرُّ؟ قال: قوَّتي على مكافأة مَن أحسن إليَّ بأحسنَ من إحسانه.


رابط الموضوع: http://www.alukah.net/Sharia/0/31699/#ixzz1PT52gXAf

الثلاثاء، يونيو 14، 2011

لا تشكُ همّك إلا لمن يقدّرك





من الطبيعي أن نقول إنه ما من أحدٍ في هذا الكون يعيش خليًا من الهموم أو نقاط ضعف تؤرق عليه حياته، إذ لا كاملَ إلا الله عزّ وجلّ، إذ إنه وحدَه المتصف بصفات الكمال الأزليّة. سبحانه!







وقد تكون نقاط ضعف الإنسان ثقلاً عليه يقيّده بسلاسل وهميّة ، ومشكلة الإنسان في أنه يتطلع إلى ما ينقصه ويغضّ طرفه تناسيًا أو نسيانًا عن الصفات الجيّدة التي تميّزه عن غيره. وقد يلتمس هذا الإنسان عند إنسانٍ آخرَ يفوقه تجربةً وخبرةً الحلّ لمشكلته التي أبدًا تقضّ مضجعه وتجعله سهير العين على الدوام. ومن هنا تأتي الطّامّة. أقولها بملء فيّ: من هنا تأتي المشكلة، حيث إن الإنسان من خيمه العجلة .ألم يقل الله تعالى:" خُلَقَ الإنسانُ من عجل"؟ وهذا الإنسان إذا تخاصم مع صديق له أو ضعيف استنجد به فإنه يذكّره بنقاط ضعفه و(يعيّره) بها أمام الملأ، إذ ذاك يجرحه جرحًا لا يحيك فيه مرّ الليالي.







لذلك ينبغي لكلّ واحد فينا أن يبني علاقة متينة العرى مع الشخص الذي يمكنه حلّ مشكلته قبل الشروع في عرض المشكلة ذاتها، والأفضل من ذلك والأجود أن يفوّض الإنسان أمره كلَّه لله عز وجلّ إذ إن الله بصير به. فما أقسى أن تعترف لشخص بنقطة ضعفك ثمّ يؤول أمرك إلى بوار، على الأقل، نفسيّ.

إن مساعدة الآخرين أمر فاره القيمة ، وهي تعدّ صدقة ، فإدخالك السرور على قلب المسلم صدقة، ولكن أقول لكل من يجعل أسرار الآخرين سلاحًا يهدد به صاحبه ألم تسمع قوله تعالى:" قولٌ معروف ومغقرة خيرٌ من صدقةٍ يتبعها أذى"؟

فلمَ تساعد أخاك المسلم ثم تذكرّه بجميلك وعطفك عليه ومساعدتك إياه؟ إن الله غني عن مساعدتك.







يقول الشيخ الدكتور محمد العريفي في كتابه "استمتع بحياتك":جرّبت كثيرًا من الناس فوجدتهم كذلك، والمشكلة أنّك تأتيهم على سبيل الاستشارة، فيشيرون عليك ثمّ يفضحون سرّك، فيسقطون من عينك، ويصبحون من أبغض الناس إليك".





وقد قالوا: من عرف سرّك أسرك.







لا تشك همّك إلا لمن يقدّرك ، ولا تُبْدِ نقاط ضعفك لأي أحد، لأنك إن فعلت هذا فإن ضعفك سيعلم بها هازئ لا يزال يسخر منك، أو راحم لا يزال يتوجّع لك، ودمعة الراحم كابتسامة الساخر، وكلاهما يؤلم في النفس ويملؤها غصّة وأسى، وعلّ الله عزّ وجلّ أن يقيّض لك من إن تستأمنه سرّك كان لك ناصحًا أمينًا، وإن تطلب منه العون كان لك معينًا، وإن عضب منك لم يكشف سرّك لأحد من الخلائق.

الثلاثاء، مايو 31، 2011

فكّروا للحظة





هذي نصيحة لا يكتبها عادة إلا من اكتوى بنارها ألمًا وحسرة. إني أضحك كثيرًا من نفسي حين كنت أرزخ تحت هذا الأمر، أقصد أن أبني أحلامي وتطلعاتي على شيء واحد، بحيث إن فقدته أكون إذ ذاك قد فقدت كلّ شيء، كنت دائمًا أسيّر رحلة حياتي وجه شخص لا أطيق الحياة دونه، فأبني صروحًا في الهواء، وجسورًا على الماء، وأطلب السمك البعيد عني، وحدث في مخيلتي أني إن فقدته بكيت عليه وضاق صدري بعده. ولكني وأحسبني متيقنًا من ذلك عرفت أنّ تلك الآمال الذاهبة والأحلام الضائعة والأماني الزائفة لا قرار لها ولا حقيقة.





عرفت أن الخيرة هو ما يختاره الله عز وجلّ لي، فازداد إيماني به واشتد اتصالي به . دعوته كثيرًا : يا الله.. يا الله.. يا الله. . ردّدت دائمًا: لا حول ولا قوّة إلا بالله.





إني أعرف الكثير من القصص المؤلمة وهي التي أثّرت عليّ بشكل كبير، وكأني أعيش فصولها وكأني أنا العاشق أو المديون أو المطرود أو المحدود أو المظلوم أو المخذول أو المخون . كأني بهم أكابد آلامهم وأرثي حالهم وأتفجع لمصابهم، فلا أكاد أنام الليالي تفكيرًا بهم ؛ لأني مثلهم قد عانيتُ كثيرًا جدًا قبل أن أجدني أعلم علم اليقين أن أكثر الحالات يكون الوهم مسيطرًا على الشخص لا ينفكّ عنه، فيضيع زهرة عمره، فلا هو سعد بتحقيق وهمه ولا هو سرّ بحاضره الذي بدّده، ولا أملاً أفاد، ولا حياة حفظ، كأن ينتظر شخصٌ شخصًا آخر عبثًا، أو يعقد شخص على آخر كل آماله وأحلامه ، أو تراه وااقفًا على الأطلال ينتظر قدوم ليلى التي أرهقتنا كثيرًا، أو تراه يتربص مسمرًا عينيه بباب الدار علّ فلانًا يطرقه.





آه،،، لأجلكم أنتم أنا أعانـــ،،،ـــ،،ــي ،،، لأجلكم أنتم أنا أكابد الآلام وأعالج الهموم والحسرات،،،، لأجلكم أنتم يا من سمحتم لغبار السراب يتخلل إلى قريرتكم فاسودّت الدنيا بعينيكم ورغم هذا تكابرون حتى لا يعلم أحد بشكواااكم!!!... إني أشعر معكم وأتألم لحالكم كثيرًا،،، لأجل ذلك أنا أكتب كلماتي هذه علّها تنسلّ وتندغم في داخلكم،،، فإن كان لي عندكم من مكانة فلتقبلوا نصيحتي التي لم أكتبها وأنا أرتشف من فنجان قهوة على شاطئ النيل أوزّع نظراتي في الأفق البعيد!!!!



لا، لا ، لا ،،، لم أكتبها إلا بتامور قلبي ،،،،،،،



فأرجوكم ثم أرجوكم ثم أرجوكم أن تسمعوا كلامي وتنصتوا لقولي وأن لا تدعوا قطار العمر يفوتكم ويمرّ هكذا بين الأنين وغصّة الذكرى.



اعلموا أن الله يقول في كتابه العزيز :"وعسى أن تحبوا شيئًا وهو شرٌّ لكم".... ثقوا تمامًا بالله تعالى...توكلوا عليه... استعينوا به... فوّضوا أمركم إليه...وإذا سألتم فاسألوه.. وإذا استعنتم فاستعينوه...

قولوا : يا رب ... يا رب ... يا رب... ما لنا سواك . أنت تعلم ضعفنا وقلة حيلتنا.. يا رب : نحن لا نحسن التصرف... فتولّ أمرنا يا رب...



يا رب: لا تجعلنا سجناء الأوهام ولا أسراء الأحزان...

ربما تقولون : لو كنت مكاننا وفي مثابتنا لكان لك رأي آخر، ولكني أقول: إذا استعنتم بالله فقد استعنتم بمن بيده ملكوت السماوات والأرض ومن بيده مفاتيح السعادة النفسية. إن الله يعلم ونحن لا نعلم. فعلمه فوق علمنا وقدرته فوق قدرتنا فحريّ بنا أن نُلجئ أمرنا إليه.



أقول : قد تتحقق الأحلام البعيدة المنال وقد يغدو الحلم واقعًا، وقد ينجو غريقكم ويشفى مريضكم و يثوب غائبكم، وينجح طالبكم ويَرِدُ حوّامكم... فإن حصل هذا الامر فأيققنوا تمامًا بأن الله تعالى يعلم أن في ذلك الخير لكم،، ولكن لا تقلقوا بل رددوا: لا حول ولا قوة إلا بالله، ففيها ستون مسألة أدناها الفرج.



أتمنى أن تقرأوا هذه الهمسات مرات عديدة وكرات مديدة، وحاولوا أن تتقبلوها ففيها بإذن الله تعالى الفرج والتيسير وانشراح الصدر.



اعلموا أنه حينما يأتيكم من ينتشلكم من حضيض الآلام التي تعيشون تحتها فإنه مقيّض بأمر الله تعالى، جاء به ليبعث موات قلوبكم ولينشر السعادة في ذاتكم ... وأسألكم بالله العظيم أن تتفاءلوا بالخير لإنكم إن تفاءلتم بالخير فسوف تجدوه حاضرًا نصب أعينكم.... فليس على الله بعزيز أن يصبح جِدًا ما لهوتم به، وحقيقة ما حسبتموه خيالاً.
والله الموفق إلى كل خير

الأحد، مايو 29، 2011

رفقًا بالقوارير




أيها الرجال الرجال

استوصوا بالنساء خيرًا
أيّ لآمةٍ هاته التي يحملها رجلٌ كي يضرب امرأته، بعد أن كانت في بيت أبيها معزّزة مكرّمة، وزهرة يانعة!؟
أهو صحراء قاحلة تموت فيها كلّ الزهور؟!
أهو صخرة يتكسر عليها كلّ معنى للحنان والرحمة؟!

أكان الزواج للسكينة والوقار أم ساحة قتال من طرف واحد؟!
ألم يسمع الزوج بوصايا النبي الكريم في البنات والزوجات؟!
ما وجدتُ جنونًا يعدل هذا الجنون! جنونٌ لا يفعله إلا المجانين!
لماذا تضرب امرأتك أيهذا الرجل؟
من أعطاك شرعية الضرب والشتم واللعن والدعاء بالويل والثبور؟
هل الإسلام يأمرك بهذا؟!




الآن رسول الله صلى الله عليه وسلّم يصعد إلى المنبر في خطبة حجّة الوداع. إنه الآن في السنة العاشرة من الهجرة. في التاسع من ذي الحجّة. في يوم الحجّ الأكبر يومِ عرفة. أنصت له وهو يستفتح خطبته :"الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله".

وأنعم الإنصات وهو يتكلم على عدّة أمور مهمّة جدًا.ها هو الآن يحرّم الربا ويبتدئ بوضع ربا عمّه العبّاس تحت قدميه. 
أمعن الاستماع أيضًا وهو يبطل مآثر الجاهلية الباطلة. ها هو يبطل الثأر إذن. ويحلّ محلهّا القصاص [والعمْد قوَد].

يا إلهي! أمور خطيرة يتكلم عنها النبي الكريم في أول خطبة له آخرها.

دقّق السمع الآن لا النظر. اسمع بقلبك وعقلك وهو يخاطبك أيها الرجل :" أيها الناس إن لنسائكم عليكم حقاً ولكم عليهن حق"
أيّ تكريم للمرأة في هذا الموقف المهم!  لله درها من مصونة ومن كريمة حرّة!!!!

"استوصوا بالنساء خيراً، فإنهن عندكم عوان لا يملكن لأنفسهن شيئاً" أي جمال بلاغي فيه من الكلمات القليلة ما فيه، ومع ذلك فيه من الكنوز العظيمة خلف هاته الكلمات ما فيها!
يوصيك أيها الزوجُ النبيُ الكريم بأن تحسن تعاملك مع زوجتك التي لا تملك لنفسها شيئًا. إنها كما الأسيرة عندك. فهلّا أكرمتها! فهلّا أحسنت وفادتها! فهلّا احترمتها!

واستمع أيضًا إلى موضع آخر من المواضع التي تكلم الرسول الكريم فيها :" خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي"
يوصيك الرسول الكريم بامرأتك خيرًا وكأنه يحرّم طلاقهنّ. فهلّا عطفت على رفيقة دربك، وأم ولدك!
ولنا في رسول الله أسوة حسنة، فقد روي عنه أنه لم يضرب خادمًا قطّ، ولا امرأة.
"كفى بالمرء إثمًا أن يضيّع ما يعول"

"إنما النساء شقائق الرجال، ما أكرمهن إلا كريم وما أهانهن إلا لئيم"
هي شقيقتك أيها الزوج!  هل ترضى بأن يضرب شقيقتَك زوجها؟! أزعم أنك لو علمت أن شقيقتك زوجها يهينها لما سكتت!
أسأل الله الكريم ربّ العرش العظيم أن يهيّئ للنساء أزواجًا يسعدونهنّ ويعطفون عليهنّ ويكونون لهم نعم الرجل ونعم الزوج. إنه وليّ ذلك والقادر عليه.