آخر الأخبار

السبت، مايو 26، 2012

رسائلُ لا أظنّها تصل (2)




كثيرًا ما قالوا: لا أحدَ يبقى لأحد.  رددْتُ سريعًا: إلاّ هو. سيبقى معي حين يخذلني الناس... ولكنه أوّل من خذلني...! أول من طعني. أول من جرحني. أول من صفعني على وجهي صفعة ما عُدْتُ لتوازني بسببها إلى الآن...! ولم تكنِ الوعود والمواثيق التي أبرمْتَها سوى أنكاثٍ نقضْتَ غزلَها من بعد ما أشهدْتَ اللهَ تعالى على الثواء معي في كلّ الأوقات...!
أتَذْكُرُ حينما قلْتَ لي في أحد ليالي الشتاء: لو كنْتُ أملِكُ شيئًا أُسْعِدُ به قلبًا واحدًا في الدنيا كلّها لكان ذاك القلب هو قلبَك أنْتَ...!؟؟
كُنْتَ أستدفئ بها؛ إذ كنت صَرِدًا في هذا البرد القارس...! كنت أتدثّر بها وأتغطّى...! لم أكن لأعلم أنكَ ستعريني منها...!
كُنْت أطالع قصص المعذبين والمجروحين، وأقول في نفسي: يا لهؤلاء البؤساء.. رُزِقوا بأحبابٍ "غدّارين" أمام أول تحدٍّ تركوهم ورحلوا عنهم مُخَلِّفين وراءهم غاباتٍ محترقةً...! لم أكن لأعلم أنّ النيران أوقدت في قلبي وأتت على كل المساحات الخضراء التي أنبتها الحبّ يومًا إثر يوم...! أضرمَها غيابُك المباغت...! غِبْتَ أنت وتجمّدَتْ أوصالي وأشتعلَتْ حدائق قلبي... وبلغَتِ الفوضى فيّ أقصاها...!

الاثنين، مايو 21، 2012

رسائلُ لا أظنها تصل (1)



كثيرًا ما كنْتُ أنفق الأيامَ تلوَ الأيّام في انتظارِ هديّتكَ التي وعدْتَني بها، ما كنْتُ أطمع في ذات الهدية، بل في أن أستمسك بشيء قادمٍ منك، من مكانكَ وزمانكَ وبيتكَ وشارعكَ المؤدي إلى السوق. كنت أترقب هذا اليوم الذي تعلن فيه عنها، وأمسكها بيديّ، وأقلبها بين أصابعي. إنها هديّة الحبيب الغالي!..

ولكنك ما أهديتني سوى غيابكَ... غيابِكَ الذي ضرب بأطنابه عليّ.. واستدار حول

عنقي.. وجعلني لا أقدر على التنفس..! كنت أنتظر هديّة الحياة فباغتْتَني بهديّةِ  الموت!..




أتعلمُ أن الطعام في فمي بلا طعم... هذا إن أردت بعد كثير رفض أن أتبلغ به...؟

لأنكَ بعيدٌ عني، فربما تكون جائعًا وأنا أشبع، وربما تكون عطشًا وأنا أرتوي...! ما هكذا تعاهدنا عليه.. ولكنك أبيتَ كلّ شيء.... فلله لك من ظالم...!

على أني لم أفكر في لحظة من اللحظات التي تواصلنا فيها هَنِئين مَسْرورَيْن في أن أبتعد عنك أو أن أتركك...!


الوَجْه الذي اعتدت عليه ما عاد موجودًا، والصوت الذي ألفت سماعه تلاشى... وبقي وجهي المخدّد وصوتي الذي بُحّ من شدّة ما ناداكَ... وأنتَ برغم "الهياط والنياط" ما عدْتَ تسمعني...! كثيرًا ما ذكّرْتكَ.... لا تبتعد... فبعدُكَ جفاءٌ... لا تغِب.. فغيابك لا أقدرُ عليه... ولكنك جعلتني وراءَ ظهرك ونأيْتَ.

لم أكن لأتصوّر فاجعة الوقت من بعدك. حينما يفرغ من اسمك، نبضك، حضورك الباذخ، أدقّ تفاصيلك، صوتك. فيأتي الحنين ناقوسًا لا يجعلني أنسى تلك اللحظات الجميلة.





قالوا: الأيام كفيلة بأن تُنْسِيَك كلّ شيء... ولم يعلموا أنّ كل يوم يُقْبل فإنه يكرّس حضورَك فيه.. يريد أن يُبْقيَك مدارًا من مدارات الأوقات التي تمشي ببطْء...!

الجمعة، مايو 11، 2012

حتى يؤوب المثلّم




لست للمواعيد الكبرى ولا للهدايا الثمينة، كُنْتُ شجَرةً وارفةَ الظلال صوّحت ذات خريف. وظلّت هكذا بلا غصون أو أوراق تعيد نفسي إليّ والراحلين.
لم أكن لأعترف بهزائمي المتكررة، وبموتي البطيء. كنت أمني نفسي بأنها ما تزال تستحقّ أكثر من مجرد رحيل دون مبرر...! والليل يبدو أكثر ظُلْمَةً.
تستحقّ لأن ينسى كل من ينسى أن يتذكرها...! في وَقْتٍ مدلهمّ أحوج ما تكون فيه محتاجةً إليهم...!
حتى إن لحظات الفرح العابرة لا بدّ من أن تنزل معها دمعاتُ حزن عميق ينسخ كلّ سرور وكل نشوة !...
متى ترجع أيها الغائبُ؟؟ سؤال يتردد كثيرًا
-       حتّى يؤوب المثلّم
تأتي الإجابة تراثيّة من عمْقِ التجربة واليأس...!
على قارعة الطريق ظلّ يتربّص بالمجيء لعله يدنو ويقترب..! بصره شاخصٌ صوب الطريق الذي منه غاب... وعلى مفترق التفكير مرّتْ فكرة..  لا تنتظر أكثر...
لو لكَ قيمةٌ لما ذهب !.. لَمَا غاب وأبقاك دهليزًا من دهاليز النسيان ..!
"لو" هذه تجبرك على أن تدخل في سياقاتٍ تشاؤمية... فهي تشي بانقطاع الأمل والندم على ما لم تجترحُه يداك .!
ما هذا الظلم؟  أن يغيبَ هو  وأن تنْدمَ أنت؛  لأنك لم تستطعْ أن تحافظ عليه، مع أنك قدّمْت له كلّ شيء ولم تقصّر معه في أيّ شيء !...
لا تستطيع أن تجبر أحدًا على البقاء إزاءَك... حتى لو قدمْتُ له كلّ شيء ..! حتى لو ضحّيْتَ بسعادتك في سبيل بقائه سعيدًا !... حتّى لو تنازلْت عن بعض حقوقك أجلَ أن يبقى مغتبطًا مسرورًا !..
هذه الحقيقة يتعيّن عليك أن تستمرئها دائمًا .! أنّه لا أحدَ يستمسك بك وقْتَ شدّتك.. والأمر الذي يحصل هو :

ما دام أن صديقك يقول "سوف أبقى بجانبك"  فينبغي لكَ أن تصدقه... أو على الأقل ألا تكذبه..!  فالواقع أريضٌ بأن يجعلك تصدّقه حقًا، أو تكذّبه. ومعيار ذلك هو الفعلُ لا القول، فالقول "فِشْ عليه جَمَارْكْ" أما الفعل فلا يقدر عليه إلا الرجااااال!..

قد تمرّ بك أوقات عصيبة، وقد ترى صديقك الذي وعدك بلسانه أوّلَ من يمد إليك يده ويساعدك، حينئذٍ، تشعر أنه فعلاً الصديق الذي "يفشّ غلّك" في أوقات الشدّة... ولكنْ أنّى لكَ هذا الصديق "النفطي"؟!
ربما لا تجده إلا  "في أحلامك السعيدة".. عندما تفكر قبل أن تضع رأسكَ على "المخدّة" وتغرق في التفكير... وترى فيما يراها "الصاحي" أن صديقك امتطى ظهر جواده، ويمّم شطرك ليقف في "وَقْعِتَك" مهما كان نوعها.. ولكنها "أحلام وردية" تنتهي بـ"غطيط وشخير" وفي بعض الأوقات "هلوسات" في أثناء انتظارك له، ولكن هذه المرة في "النوم"!
ثمّ تستيقظ من نومك كمثل "السكران" متفقدًا "الخلوي" لعل مكالمةً قد وردت بالخطأ منه؛ صديقِك..! ولكن ما تلبث هذه الجولة التفقدية اليومية "ترجع بخفّي حنين" إذ لا يوجد "لا مكالمة ولا هم يحزنون"..

على أنه يبقى أملك في أن يأتي قائمًا... ربما سيغيب مدّةً من الزمن ثم يرجع سريعًا، وكأن "أوبه أوب نَعَامة" ولكن قد تطيل التأميل و"تصبير" نفسك على شيء ربما صديقك "سَكَّرْ عليه الموضوع" وهو :"مستحيل أرجع" وكأنه يوحي للعالَم بأنه "ماخذ على خاطره"...
ربما نفهم أنّ الدنيا متخمة بالورود... ولكن كيف نفهم أن ورودنا باتت أشواكًا...! هذا ما نحاول أن نستوعبه "وما ظنيت"



الاثنين، مايو 07، 2012

في غيابكِ نشيجُ أسئلة قاحلة





في غيابكِ نشيجُ أسئلة قاحلة
يبقى السؤال الجاثم فوقَ الصدر بعد إذ رحلوا:
هل أحبونا بصدْق؟
هذا السؤال له ما يسوّغه، وللإجابة الإيجابية ثَمّ ما يؤكدها...!
مؤشراتٌ تقول إن هناك تضحيات يقدمها الأحباب للظفر بمن يحبون... يتحدون كل شيء مقابل أن يتحقق هدفهم النبيل؛ الظفر.
ولكن ما بالي نادّاً عن هذه القاعدة المتينة التي يتشبّث بها الأوفياء...؟!
أراني أقلَّ من أن يقف في وجه الظروف حبيبٌ أجلي..أنا
ربّما... ليست فيّ صفاتٌ تجعل من أحببْتُ بقاءهم ثاوين في حياتي وذاكرتي يستمسك بي.. فأنا جرثومةٌ هرب منها الجميع... شابٌّ قذرٌ أنف منه الناس... ماءٌ أجاجٌ ما عاد يروي ظمأهم... كرةٌ مجوّفة لا خيرَ فيها.. عتبة بيت بأقدامهم داسوها..

أولئك هم.... من حفرْتُ أسماءَهم في قلبي... حفروا بأيديهم المعطاءِ قبري...
ما زلت أتأمّل في عيوبي المتوالية علّي أفيء إلى قدْري بعد إذ توهّمْت أني نبيل...!
لا نبيلَ يُتْركُ...!
وها أنا ذا تُرِكْت، فصِدْقٌ إذن معرفتي بنفسي...!
وما زالت الأصوات تطرق ذاكرتي... والسنين التي ما انفكّت تجذبني إلى حيث لا عودةَ....
وتنهيداتي التي ما عادت تُجْدي...
وألمي الذي لم يُحْتَرم....
وبقايا نشيجٍ شائخ...!
ألتمس الدقائق عساها تعيد جزءًا من تفاصيلي... ضحكتي التي فُقِدَتْ... براءةَ وجهي الذي تجعّد,, صوتي الذي اختنق...
وكثيرًا من المشاعر التي وُئدت... أغصان عود تهشّم... وبقيّة ليلة ما عادت هادئة... مغرقةٌ في الدموع...!
في شَعْرِك الطويل تراءت فضاءات مُشرعة للجنون...؛ قتلَني
وفي عينيك الزرقاوين أبحرْت إلى جزرٍ مهجورة؛ أغرقتْني
وفي يدك الناعمة أرضٌ خِصبة؛ أقحلتْني
وفي سرّك ألفُ ألف حكاية؛ خذلتْني
وفي المسافة بين غيابك المميت وانتظاري صوتٌ ينادي؛ أحقًا أحببْتِني...!؟


الخميس، أبريل 26، 2012

اكتشاف....!




ابتهجت إذ تكلّلَتْ اكتشافاتي المتلاحقة تترى بالحبّ؛ ذاك المعنى الساحر الذي فتح لي آفاقًا واسعة، وفضاءاتٍ رحبةَ...! اندغمْتُ بعالَمِه المثير بشكلٍ سريع، تملّكني وأدهشني. إنّه الأرض الخُرافيّة التي طالما نقّبْتُ عنها...! مناظر خلاّبة، أزاهير. رياحين. أفانين. أنهار.حدائق ذات بهجة. فراشات. هذه هي الأرض التي أبحث عنها...!

الثلاثاء، مارس 20، 2012

آمـــال مكلومــــة


من العسير تقبل فكرة أن تشتري أناسًا ثمّ تشتري شيئًا ثمينًا لتتواصل به معهم ثم بالمقابل يبيعونك أنت...!
هذه الفكرة بقيتُ أتردد حولها، أقدّم رجلاً وأؤخر أخرى، ولا أريد أن يستقرّ مثواي إلى هذا الحُكْم، فلربما يكون جائرًا، ولكن ليس أقل جورًا ممّن ينساك..!
تواطأنا على المحبة والوداد العذب بالإضافة إلى الأخوة التي زرعناها وتعهدناها بالتربية والنمو.. والطريق سالك لهذا التواطؤ... لكنني تُركْتُ وحيدًا على قارعتِه أتأمل غروب نفسي في ساعات فجره...!
أليس من الحَيْف أن يكون الأخَوَان يسيران في طريق واحدٍ، ثم يبتعد أحدهما ويخلّف الآخرَ وحيدًا مهمومًا يعاني...؟؟!!
أكان موتي قد حَدَثَ؟؟!! أم أنني لا أستحقّ؟!
سؤالان دارا في خلدي كثيرًا ولم أهتدِ إلى إجابة شافية تبلّ ذا الغلّة الصادي...
-       لن أتخلى عنك، ولن يفرقنا غيرُ الموت...!
أظن أن موتي قد وقع وعلى إثرِه خلّفْتُك وحيدًا تُصارع الآلام والأوجاع من بعدي...!!!
أو أنّي أفيء إلى الإجابة الأكثر دموية، والأكثر سفكًا...!
لست من النوع الذي يستحقّ أن يضحّي أجْلَه أحدٌ من الناس...! أن يتحدّى الظروف وأن يناوئ التحديات لجلال عينيه السوداويّين...! بله أن يذرفَ دمْعَةً واحدةً أو يتذكّره تذكرًا عارضًا...!
سمعت قصصًا كثيرةً وما عجبتُ لها بقدْر ما عجبت لقصتي...!
قصّتي بدأت ولا سبيل –عندي- إلى إنهائها؛ إذ قد أخذت عهدًا ألا أبتعد عنك مهما يحصل من الأمور والحوادث... اللهم إلاّ من الموت الذي لا مردّ له...!
وأنت كذلك قصتك بدأت ولا سبيل عندك –في ظني- إلى طوي صفحاتها؛ إذ قد قطعت عليّ عهدًا ألاّ تبتعد عني مهما يكن من الظروف والأحوال... اللهم قدْرَ الاستطاعة...!
وحدث أن مزّقتَ قصتنا ورميتها في وجهي، وابتعدْتَ غيْر ناظرٍ إليّ...!
أكان هذا عدْلاً....؟! أم أني لا أستأهل تتمّة قصّة...!؟
أم أجدني في جُثام مرعب لا أستطيع التنصّل منه...؟!
تمنيْتُ والأماني كثيرة أن تبقى أرسان المودة قائمة بيننا لا يعتورها ارتخاء، فكيف بي وقد رأيتها قُطِعَتْ...!
تمنيتُ والأماني كثيرة أن نبقى كما نحن، لا يغيرنا شيء ولا ظرف ولا حال. أن نبقى معًا مدى الحياة، حتّى يهدّنا الموت الذي يهدّ كلّ شيْءٍ...!
أملتُ والآمال عريضة أن نسكُن في بيت واحد، ونستظلّ تحت سقف واحد، يحبّ بعضنا بعضًا، ويحنّ بعضنا إلى بعْضٍ...!
أملتُ والله تعالى عليم بآمالي أن تتصل المحبة والألفة بيننا أمـدًا لا منتهى له...!
حلمتُ والأحلام كبيرة أن يبقى العهد بيننا قائمًا، ولا ينقضه أيّ أحدٌ منا مهما حصل...!
حلمتُ والأحلام في بعض الأحايين سرابٌ أن نرفع عن نفسينا مؤونة البعد والقهر والرحيل...!
ولكنّ الأماني الكثيرة والآمال العريضة والأحلام الكبيرة لم تكن لـتبقى ولم تكن لتدوم ولم تكن لتتحقق...!