آخر الأخبار

الأربعاء، ديسمبر 21، 2011

أيها الفراق! ماذا فعلت بنا؟!




الفراق قطعة ملتهبة متأججة من العذاب. إنه كالسفَر الطويــــــــــل لا يكاد ظاعنه أن يؤوب.
إنه كالمسافة الفاصلة بين الألم والألم الذي يتلوه.
إنه كالموت الذي يأتي على كلّ شيء، ولا يستطيع أي أحد مهما بلغت قوته أن يردّه. إنه كالصخرة الكبيرة الجاثمة على الصدر.
ويحدث أن نصبح وحدنا، فالحبيب الذي قد كان فيما مضى مشاركًا لنا أحلامنا وطموحاتنا قد رحل، وبقيت الحسرات ثاوية، والآلام مقيمة، والأوجاع راتبة، والجروح تنزف بغزارة.
كم صعبة هي الحياة حينما ينهار البناء الشامخ دفقة واحدة! حينما تستحيل الأماني إلى أحلام خرافيّة! حينما تغدو المصاعب ماثلة نصب أعيننا!
ويحدث أن نتألم، نتألم كثيرًا، كثيرًا جدًا، بقدر ما أحببنا، وبقدر ما عشقنا أنفاسًا تعجّ بالألق، وبقدر ما كانت سعادتنا مع الظاعن الذي أبدًا لن يؤوب.
ويحدث أن نتتظر الموت، الموت الذي كنّا نخافه ونتوجس منه، فقد استمرأنا ما هو أشدّ إيلامًا في حياتنا، وبقي لنا الموت ليكمل الرحلة الأليمة وينهيها في أرضه.
ويحدث أن نردد بكل ما أوتينا من قهر وذبول:


أرى العيش كنزاً ناقصاً كل ليلة ٍ    وما تَنقُصِ الأيّامُ والدّهرُ يَنفَدِ
لعمرُكَ إنَّ الموتَ ما أخطأ الفتى    لَكالطِّوَلِ المُرخى وثِنياهُ باليَدِ

ولعمر الله تعالى إن الموت لأهون علينا من الفراق وقسوته، والألم وحدته، والحنين وشدّته،،
وقد يحدث أن نتمنى الموت، فهو السبيل الأوحد لإراحتنا من شقائنا الذي خلفه هذا (الظاعن):

ألا موت يباع فأشتريه   فهذا العيش ما لا خيرَ فيه
ألا موت لذيذ الطعم شافٍ   يخلّصني من العيش الكريه
ألا رحم المهيمن قبْرَ حرٍّ   تصدّق بالوفاة على أخيه

إن الفراق أمر حتمي،  وشيء قارّ في هذه الحياة، فلْينتظر من يخالل فراقًا، ولْيستعدّ لهذه اللحظات الرهيبة، حيث الوحدةُ والدمعة والألم والذاكرة التي ستجود بكلّ قوّة في إمدادك بأدق التفاصيل عن ماضيك الجميل الذي غدا حاضرًا أليمًا، وحينها أدعوك معي لتردد:


يا موت!
ياظلي الذي سيقودني
يا ثالث الاثنين
يا لون التردد في الزمرد والزبرجد
اجلس على الكرسي!
ضع أدوات صيدك تحت نافذتي
...
لا تحدق يا قوي إلى شراييني
لترصد نقطة الضعف الأخيرة !
أنت أقوى من نظام الطب!
أقوى من جهاز تنفسي!
ولست محتاجا - لتقتلني - إلى مرضي!
فكن أسمى من الحشرات!
كن من أنت كن قويا ، ناصعا،
واخلع عنك أقنعة الثعالب!
كن فروسيا، بهيا، كامل الضربات!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق